Admin Admin
عدد الرسائل : 88 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 13/02/2008
| موضوع: ما معنى ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ) الثلاثاء فبراير 26, 2008 9:45 am | |
| هذا شعارُ الفئة التي انتهجت أسلوب القتل والتفجير بين صفوف المُعاهدين والمُسلمين .. وهذا دليلهم الذي يرددونه في خطاباتهم وبياناتهم وأشرطتهم .
فما معنى هذا الحديث ؟ وكيف نردّ على الشبهات التي يعرضونها بناءً على استدلالهم بهذا الحديث؟
أقول بعد توفيق الله :
أولا / هذا الحديث لا يدل على ( القتل ) لا بدلالة منطوقة ولا بدلالة مفهومة ، فلفظة ( أخرجوا ) بعيدة جدا من لفظة ( اقتلوا ) !! والنبي صلى الله عليه وسلم أوتيَ جوامع الكلم .. وهو لا ينطق عن الهوى .
ثانيا / إن قال قائلٌ : القتل والتفجير وسيلة لإخراجهم ؟! نقول : هل هذه الوسيلة مشروعة ؟ ولا يجوز في الشريعة ارتكاب مفسدة لتحقيق مصلحة ، كالذي يقول : أسرق من الكافر وأزني بأهله حتى يخرج !! والقتل أعظم من السرقة والزنى .
ثالثا / هذا المشرك الذي دخل الجزيرة دخلها بأمانٍ وعهد ، والله جل وعلا يقول : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } سورة التوبة ، وإبلاغه مأمنه أن يُوصل إلى بلاده آمناً ؛ لأن الإسلام دين الوفاء ، لا دين الغدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين سنة) صحيح البخاري .
رابعا / قد يقول قائل : نحن لا نعترف بهذا العهد والأمان ؛ لأنهم هؤلاء الكفار قتلوا المسلمين وفعلوا بهم الأفاعيل .. نقول : قال الله جلّ وعلا : { من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزرُ وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } سورة الإسراء . فكيف تُحمّل هذا الشخص ذنبا لم يقترفه ، وربما كان مُعارضا لسياسة دولته في اعتداءها على المسلمين ؟ وكما قال الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ في شريط الحادث العجيب في البلد الحبيب ـ حول أحداث الخُبر ـ : ( لو قدرنا – على أسوأ تقدير- أن الدولة التي ينتمي إليها هؤلاء الذين قتلوا ، دولة معادية للإسلام ؛ فما ذنب هؤلاء ) . والصحابة رضي الله عنهم كانوا في حالة قتال مع المشركين خارج الجزيرة العربية ومع ذلك لم يعتدوا على النصارى واليهود داخل الجزيرة إلا من نقض العهد منهم ، فكان نقض العهد هو السبب ليس القتال مع أمثالهم في دينهم . المسلمين وهو يظن أنه مستأمن بأمانٍ أو عهد لم يجز قتله حتى يبلغ مأمنه أو يُعلِمه الإمام أو نائبه بأنه لا أمان له . قال الإمام أحمد : "إذا أشير إليه ـ أي الحربي ـ بشيء غير الأمان ، فظنه أماناً ، فهو أمان ، وكل شيء يرى العدو فإن قال : لكني أعتقد أن عهده باطل وغير صحيح .. نقول : حتى وإن كنت تظن أو تعتقد أن عهده باطل فإن الكافر الحربي لو دخل بلاد أنه أمانٌ فهو أمان" أ.هـ ( حاشية ابن قاسم4/297 ) . فالإسلام ليس دين غدر وخيانة .. { إن الله لا يحب الخائنين} سورة الأنفال .
خامسا / إذن ، ما معنى الحديث : ( أخرجوا المشركين ) ؟ نقول : حتى نفهم الحديث لابد وأن ننظر في تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم وتطبيق الصحابة لهذا الحديث .. فنلاحظ : • إقرار النبي صلى الله عليه وسلم اليهود على الإقامة بخيبر ، بل .. واستعملهم في الفلاحة والزراعة ، وبقوا حتى توفي صلى الله عليه وسلم . • القصة المشهورة : أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي • تولى أبو بكر الصديق الخلافة واليهود في خيبر على مسافة 180 كم من المدينة، ونصارى نجران في نجران ويهود اليمن في اليمن ومجوس الأحساء في الأحساء . وهو –رضي الله عنه- أعلم الناس بأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- وأعظم الأمة تعظيماً له ، وهو الذي أرسل الجيوش لقتال المُرتدين ، فلما انتهى من المرتدين أرسلهم للقتال في العراق والشام خارج جزيرة العرب ولم يتعرض لمن في الجزيرة . • تولى عمر الخلافة فترك يهود خيبر في خيبر ونصارى نجران في نجران ومجوس هجر في هجر واشتغل بقتال الكفار في خارج جزيرة العرب فاستكمل فتح فارس وفتح الشام ، ثم سير الجيوش إلى مصر وفتح قبرص فكانت جيوش الخلافة تقاتل في القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا وهؤلاء على أماكنهم في جزيرة العرب ، ولم يخرج عمر منهم إلا يهود خيبر لما نقضوا العهد الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار ( 7 189 ) : (غالوا في المسلمين وغشوهم ) فزحزحهم إلى تيماء ، ونصارى نجران لما أخلفوا شرط الصلح مع النبي –صلى الله عليه وسلم- الذي شرط عليهم عدم التعامل بالربا فأجلاهم عمر لما خالفوا ذلك ، وأبقى يهود اليمن ، ومجوس الأحساء . • ما رواه البخاري في صحيحه (3700) في قصة مقتل عمر رضي الله عنه الطويلة ، وفيه أنه لما قُتل أمر ابن عباس أن ينظر من الذي قتله، فلما أخبره أنه أبو لؤلؤة - قال عمر: "قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، وكان العباس أكثرهم رقيقاً .. ) .فقد أقر عمر رضي الله عنه بقاء هؤلاء غير المسلمين في المدينة واستعمالهم . وهو أحد رواة الحديث كما في صحيح مسلم . • ما رواه ابن خزيمة في صحيحه (1329) عن جابر -رضي الله عنه - في قوله تعالى: "إنما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا"..الآية ، [التوبة: 28] قال: "إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة ) .
** ألا يدل ذلك أنهم فقهوا أن المنهي عنه ليس مجرد وجود اليهود والنصارى في جزيرة العرب ولكن أن يكون لهم كيان استيطاني دائم ، وأما وجودهم كأجراء ومعاهدين ومستأمنين فليس هو مراد النبي –صلى الله عليه وسلم- وإلا لما تركهم الخلفاء الراشدون وذهبوا يفتحون آسيا وأوربا وأفريقيا، وأبقوهم طوال تلك المدة على تخوم المدينة النبوية أجراء في خيبر، وسمحوا بالرقيق من الكفار أن يسكنوا المدينة لأنهم تبع لأسيادهم حتى إن عمر رضي الله عنه قتل على يد مجوسي ومع ذلك لم يأمر بإخراجهم ولا أخرجهم من بعده ... ثم إن الصحابة الذين فقهوا هذا الأمر النبوي لم يفقهوا منه استحلال دم أحد من اليهود أو النصارى لكونه في جزيرة العرب وهم في حالة قتال مع المشركين خارج جزيرة العرب !! ولشدة ضعف هذه الشبهة لم نعرف من قال بمثلها لا من الخوارج السابقين ولا من غيرهم ، ولم يستدل أحد بالحديث على جواز قتل غير المسلمين لأن الاستدلال بذلك بيّن الفساد وبعيد من فهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان من الأئمة والعلماء . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم . | |
|